Saturday , 27 July 2024 KTM College
Literature

دور المركز الثفاقي العربي الهندي بالجامعة الملية الاسلامية بنيودلهي في ترويج اللغة العربية بالهند

18-May-2021
محمود عاصم
باحث بمركز الدراسات العربية والإفريقية، جامعة جواهرلال نهرو، نيودلهي

 تعتبر الجامعة الملية الإسلامية بنيودلهي من أبرز الجامعات وأعرقها على مستوى عموم الهند وقسم اللغة العربية فيها واحد من أقدم أقسامها وتتمتع بسمعة طيبة داخل الهند وخارجها لا سيما في العالم العربي والإسلامي ويعد قسمها العربي مركزاً رئيسياً لتدريس الترجمة في طول الهند وعرضها .
مثلت هذه الجامعة دوراً بالغاً منذ تأسيسها عن طريق أقسامها المختلفة بما فيها القسم العربي والمركز الثقافي العربي الهندي في سد الفجوة بين الثقافتين العربية والهندية وتوثيق العلاقات بين الهند والعالم العربي. وقدمت هذه الجامعة ولايزال يقدم مساهمة ملموسة في نشر وترويج اللغة العربية والثقافة الاسلامية في بقعة من بقاع بلد غير عربي والذي يسمع دويها في جميع أنحاء العالم العربي.
وتعتبر زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود للجامعة في عام 2012م من إحدى معالم هذه العلاقات الوطيدة وتم منحه شهادة الدكتوراه الفخرية بهذه المناسبة والذي كان آنذاك أميرا لمنطقة الرياض .
وفي عام 2006 قام ملك المملكة العربية السعودية عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود بزيارة الجامعة وتبرع بمبلغ 30 مليون دولار لإنشاء مكتبة والتي تعرف الآن باسم مكتبة الدكتور ذاكر حسين (المكتبة المركزية).
 

تأسيس المركز الثقافي العربي الهندي

تم تدشين المركز في شهر فبراير 2007م حيث شارك في حفل وضع حجر الأساس سفير المملكة العربية السعودية آنذاك صالح الغامدي ونائب رئيس جمهورية الهند سيد حامد الأنصاري وصرح السفير السعودي في كلمة ألقاها بهذه المناسبة بأن دور المركز سوف يزيد توثيق التعاون والتقارب بين الدول العربية وجمهورية الهند خاصة من خلال التبادل الثقافي الذي يمكن أن يشارك فيه المثقفون من الجانبين.
ومن بين أهداف المركز هو تجديد الروابط الحضارية القديمة بين الهند والعالم العربي وتعزيز الحوار والتعاون بين الحضارتين العظيمتين القديمتين حول القضايا الحيوية ويرمز بناء المركز "عمارة ابن خلدون"، الذي سمي على اسم المفكر والمؤرخ العربي الشهير، إلى التقارب الثقافي الهندي العربي.
يقوم هذا المركز بنهجه متعدد التخصصات بمحاولة فريدة وتجربة ناجحة للتدريس ويقوم بسد الفجوة الثقافية عبر برنامج مبتكر يجمع الدارسين والدارسات في رحاب العلوم الاجتماعية والإنسانية والفنون المرئية في سقف واحد بالإضافة إلى تسهيل الدراسة النقدية للأفكار المختلفة من موضوعات الإبداع البشري والتعبيرات الجمالية إلى مسائل الشعوب والمنظمات الاجتماعية التي تمثل الدراسات الثقافية.

دور المركز الثقافي العربي الهندي في ترويج اللغة العربية بالهند

يتمتع المركز بتنظيم برامج تبادل ثقافي وأدبي متعددة الأوجه مع عدد من المنظمات والجامعات الثقافية في العالم العربي ويقوم بترجمة أعمال المؤلفين الهنود والعرب المشهورين باللغتين العربية والهندية ويقوم بنشرها بالتعاون مع عدد من المنظمات والمؤسسات العربية. كما ينظم معارض للكتب لإصداراتها ومجموعة نادرة من المواد حول التاريخ العربي والاقتصاد والمجتمع والثقافة والعلاقات الهندية العربية.
تشهد مكتبة الشيخ الصباح أحمد جابر الصباح في رحاب المركز على تواجد روابط وثيقة بين المركز والدول العربية والتي تأسست بدعم من دولة الكويت وتحتوى على الكتب باللغتين الإنجليزية والعربية النادرة البالغة عددها إلى ستة آلاف، إضافة إلى أفلام /وثائق /ألبومات موسيقية ووثائق أرشيفية.
والبحوث التي أجريت في المركز حتى الآن تشمل على الجوانب المختلفة من العلاقات الثنائية بين الهند والعالم العربي ونذكر هنا إلى بعض عناوين البحوث على مستوى الماجستير والدكتوراه والتي تشير إلى أبعاد عديدة من الروابط الثقافية الثنائية بما فيها ديناميات الإصلاحات السياسية في المملكة العربية السعودية وقطر: التداعيات على السياسة الخارجية الهندية وتمكين المرأة في دول مجلس التعاون الخليجي: دراسة مقارنة للمملكة العربية السعودية والبحرين وتغيير طبيعة الحكم في المملكة العربية السعودية: منذ عهد الملك فيصل والأنماط الناشئة للمشاركة السياسية في دول مجلس التعاون الخليجي: دراسة حالة للكويت وما إلى ذلك من الموضوعات المتنوعة المحيطة بالجوانب المختلفة من العلاقات الثنائية العربية والهندية.
توجد بالمركز مرافق قاعة المؤتمرات وغرفة اجتماعات ومكتبة شيخ الصباح و أرشيفات الأفلام/ الفيديو وغرف دروس مزودة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات . وتشمل خطط المركز المستقبلية على توفير الأرشيف الثقافي العربي وحفظ الوثائق المتعلقة بالمنطقة وإنشاء ملفات الصوت والفيديو والرسوم والنصوص ومختلف الأنشطة التي تندرج في مجال العلاقات الثقافية الهندية العربية، إضافة إلى توفير وحدة ترقيم المخطوطات لرقمنة المخطوطات النادرة المتعلقة بالروابط الثقافية بين الهند والعالم العربي وأرشيفات الأفلام لإنشاء مجموعة من الأفلام والأفلام الوثائقية ولقطات الفيديو وإصدارمجلة دراسات الخليج.
وشهدت الفترة الأخيرة التي نتجت عنها جائحة فيروس كوفيد-19، عقد اللقاءات الثقافية والأدبية بين الهند والعالم العربي على نطاق واسع، ويلعب المركز الثقافي العربي الهندي بالجامعة الملية الإسلامية في نيودلهي دوره المهم بهذا الصدد ويبذل كل الجهد لتعزيز العلاقات الثقافية القديمة من خلال انعقاد البرامج الثقافية العربية في الهند وتطوير الثقافة الهندية في العالم العربي. ويقوم المركز بنشر الدراسات والبحوث بالجوانب الثقافية وتعزيز الدبلوماسية الثقافية. ويقوم المركز بتنظيم اللقاءات الأدبية بين الكتاب الهنود والعرب بشكل متواصل.
وقام المركز خلال فترة قصيرة بإصدار ترجمة أكثر من 20 كتابا للكتاب الهنود مثل السيد اي بي جي عبدالكلام (الرئيس الهندي السابق) والسيد امرتيا سين والسيد اميتاب غوش والبروفيسور مشير الحسن والسيد مبشر جاويد أكبر والسيد بافان ورما والسيد تلميذ أحمد إلى اللغة العربية.
كما تمت ترجمة الأعمال الأدبية العربية مثل باص القيامة لروضة البلوشي ووجه أرملة فاتنة لفاطمة المزروعي ومريم والحظ السعيد لمريم السعيدي وغرفة القياس لعائشة الكعبي إلى اللغات الهندية المختلفة .
وعقد المركز ندوة افتراضية مؤخرا حول موضوع استثمار المنصات الرقمية لتيسير تعلم اللغة العربية للناطقين بغيرها: منصة "أنس" الرقمية أنموذجا. فهذا العنوان بنفسه يشير إلى أولويات واهتمام المركز بكل المستجدات الحديثة في مجال التكنولوجيا والدراسة المزودة بالتقنية الحديثة لاسيما في ظل جائحة فيروس كورونا. ويضاف إلى هذا ما يقوم به المركز من نشاطات ملموسة وخطوات حميدة في نطاق العلاقات الهندية العربية .
ونشيرهنا في ختام الكلام إلى بعض الجوانب الهامة التي من الممكن أن يقوم المركز بتقديم مساهمته القيمة فيها والتي تشمل تعزيز التواصل العلمي والثقافي الهندي العربي وبلورة مشاريع علمية بحثية في التراث الثقافي، إضافة إلى دعم مبادئ التعددية والتنوع الثقافي في شبه القارة الهندية والعالم العربي.
لا شك أن المركز قطع شوطا في عمره القصير الذي يشتمل على ثلاثة عشر سنة فقط ولكنه يحتاج إلى رسم مساره بدقة أكثر وتحقيق أحلامه وآماله وتمثيل دوره الأكبر والتي من أجلها تم إنشاء هذا المركز. ونعرب عن أملنا أن المركز تحت قيادة أستاذنا محمد أيوب تاج الندوي سوف يحتل أهمية كبرى من خلال دوره الملموس في سد الفجوة الثقافية ويصل إلى مكانة مرموقة بين المراكز والمؤسسات الهندية التي تخلد إسمها من خلال تقديم مساهمتها في تعزيز الروابط الثقافية بين الهند والعالم العربي.