Thursday , 28 March 2024 KTM College
Literature

الدراسة الأدبية عن قصة الرحيل لشيخة الناخى

17-May-2021
السيد فروس . ب
باحث بكلية أم. إي. أس. ممباد (الحكم الذاتي) ممباد، ملابورم، كيرلا، الهند

 تعد الفترة من نهاية الخمسينات والستينيات بداية التأسيس الثقافي والفكري لمرحلة السبعينات التى شهدت قيام دولة الإمارات، حيث بدأت مجموعات من شباب الإمارات الاهتمام بالثقافة والفكر فتأسست الأندية الرياضية والثقافية لتهتم بالرياضة والفكر والثقافة والأدب والفنون. وكشفت هناك مدراس تعليمية قبل ظهور المدارس الحديثة باسم الكتاتيب ( المطوع ) وهوأقدم أنواع التعليم في الإمارات والخليج العربي . وفي نهاية الثمانينات شهدت الإمارات لعدة أعمال قصصية طيبة. ومن الجدير بالذكر أن شيخة مبارك الناخى كانت تعد رائدة القصة القصيرة الإماراتية التى أسهمت في مجال القصة الإماراتية وكتبت أول قصة قصيرة في الإمارات بعنوان "الرحيل" عام 1970 م وصدرت قصتها عبر ست
جرائد وهي الاتحاد، الخليج، البيان، الفجر، الوحدة، أخبار العرب .

شيخة الناخى

تعتبر شيخة مبارك يوسف الناخي رائدة القصة القصيرة الإماراتية وقصتها "الرحيل" أول قصة إماراتية تعالج فيها الموضوعات السياسية والقضايا الاجتماعية والنزعات الإنسانية وغيرها. شيخة الناخي ولدت في الشارقة سنة 1952م وحصلت دبلوم في علم التربية سنة 1997 وبكالوريوس في الدراسات الاسلامية واللغة العربية من كلية الآداب من جامعة الإمارات سنة 1985 م. ومن أهم مؤلفاتها " الرحيل " ورياح الشمال " والعزف على أوتار الفرح " و" خلجات في نفوس الحائرة " و" لن نغادرنا " و "أنا طفولتى الجميلة".
سرد الحدث في قصة الرحيل
الرحيل يعتبر من أهم مؤلفات شيخة الناخى لأنها حصلت على المرتبة الأولى في المسابقة الأدبية. و"الرحيل" تعد أول قصة إماراتية، ويقول الدكتور الرشيد عنها "وهي كاتبة شيخة مبارك الناخى التى تمكن أن تعد قصتها "الرحيل" أول قصة إماراتية وهناك علامات قوية لتتأكد هذه الاقتراحات". أصدرت قصة الرحيل على عنوان " كلنا كلنا ... كلنا نحب البحر " ثم تحول عنوانها إلى "الرحيل " بعدما شاركت في المسابقة الأدبية االتى نظمتها وزارة الشباب الإماراتية سنة 1972 وفازت هذه القصة بالجائزة الأولى . تتضمن هذه المجموعة القصصية تسع قصص منها :
 الرحيل
 خيوط الوهم
 أنامل على الأسلاك
 وكان ذلك اليوم
 حصار
 رحلة الضياع
 القرار الأخير
 الصمت الصاخب
 من زوايا الذاكرة

تعريف الحدث

للحدث مكانة غالية وسامية في القصة العربية الحديثة بأنه يكون من خيال الكاتبة حسب ظروف الحياة، ويقول كاتب ( إتيان سوربو ) عن الحدث " ذلك صورة بنيوية يرسمها نظام القوي في وقت من الأوقات، وتجسدها أو تتلقاها أو تحركها الشخصيات الرئيسة " وكذا الحدث عنصر عظيم ورئيس في عناصر القصة أنه "سلسلة من الوقائع المتعلقة بالوحدة والزمان. وفي المصطلح يقول أرسطو " أن الحدث تحول من الخط السيئ إلى الخط السعيد وكذلك العكس وهناك رأي آخر عن الحدث وهو قول محمد محي الدين "هو الفعل الذي تقوم به الشخصية داخل القصة، وهو محورها وعنصرها الرئيسي الذي ينمى المواقف، ويحرك الشخصيات، ويجري الحوار على ألسنتها ولما كان القاص يستمد أحداثه من الحياة المحيطة به لتكون مشاكلة للواقع نفسه إلى حد ما، كان لا بد من اختيار هذه الأحداث وتنسيقها لتجري من جهة في زمان ومكان محددين وملائمين، ولتضمن من جهة آخرى عنصر التشويق ولحظة تنوير مؤثرة " .
وهناك عديد من طرق لبناء الأحداث منها
• طريق التتابع
• طريق التضمين
• طريق التناوب

طرق التتابع

يقول مسلم الشجاع عن هذا "رواية أحداث القصة جزءا بعد آخر، دون أن يكون بين هذه الأجزاء شيء من قصة أخرى" يعنى أن طريق التتابع يأتى مسلسلا ومتواليا ويعتبر هذا الطريق من الطرق التقليدية القديمة. أقوم مثال هذالطريق قصة "الرحيل" الذي يجري الأحداث على نسق التتابع.

طريق التضمين

هي أعمال سردية قديمة كانت تسير بين طريقين، وقد ورد في طريقه كثير من قصص شيخة الناخى منها قصة "حكاية حزينة " التي تدور الأحداث حول شخصية أحمد وصديقه علي الذان شغلا في دنيا عن التواصل، فيتفقان على اللقاء في يوم معين عند القهوة الشعبية المعروفة في المدينة، وعند لقاء الصديقين يتبادلان أطراف الحديث في مواضيع متنوعة محلية وعالمية، ويقع كثير من الأحداث والأمور في هذه المدينة وهذا الأمر ساعدت الكاتبة لإثارة العواطف والشوق لدي القارئ وفق طريق التضمين في هذه القصة .

طريق التناوب

تقع القصة في هذا الطريق بين القصتين أو أكثر، وتنتقل القصة بين مكانين متباعدين وجاءت في هذا الطريق قصة "رحلة ضياع" يعنى تظهر في بداية القصة توضيحية عن البطلة مريم وتصف عواطفها وشعورها بعد وفات أمها وتجبرها أن تتزوج زوجا مسنا في هذه القصة وتوضح كاتبة في هذه القصة عن صعوباتها وحيراتها وأحوالها في المجتمع الإماراتي.
وهنا يمكننا أن نقول إن هذه الطرق (التتابع ، والتضمين ، التناوب) التى تعتبر من أساليب قصة رحيل تحتاج إلى قراءة وتأويل بأساليب فنية متنوعة من أجل استيفاء أوضح الصورة للواقع .

الأبطال في قصة الرحيل

للبطل مكانة رفيعة في جميع القصص العربية، أن القصة التى تجري حول البطل أو البطلة ولها دور باهر في تنظيم وترقية القصص. ونرى أن قصة الرحيل التى تقع حول البطل أو البطلة. وهنا نتعرف عن بعض البطل والبطلة في قصة الرحيل فيما يلي :
إن الأبطال في قصة الرحيل أربعة أنواع منها :
1 البطل الإيجابي
2 البطل السلبي
4 البطل الفاشل
4 البطل المقهور

البطل الإيجابي

إن البطل الإيجابي الذي تصف الكاتبة البطل والبطلة بصفات إيجابية مثل الحزمة والشجاعة والإنسانية والمروءة والحب ومحبة الأم والمجتمع والأمانة والإخلاص في العمل والدين والرحمة على الإنسان والعفوة عند القدرة والطاقة في الأعمال النفسية وغير النفسية والصبر عند الضيق أيضا. وأما البطولة في منظور إبراهيم نبيلة يقول "البطولة تشمل الجوانب النفسية والخلقية والاجتماعية، وتكون بهذا سحابا رفيعا وشمائل أصلية، وقوامها مكارم الأخلاق، فيحرص هذا البطل على تقديم صورة تليق به في مجتمع يقدر البطولة العليا ويجاهز شأنه من يتمتعون بها " . إن للبطل الإيجابي منزلة سامية في قصة الشيخة الناخى ولذا نري معظم قصة الناخى مثال للبطل الإيجابي .
إن البطل الإيجابي يأتى في قصة شيخة الناخى أفرادا أو جماعة، البطل الذي يحمل جميع مسؤولية الأسرة أو المجتمع ونرى هذا في قصة "القرار الأخير" أن البطل في هذه القصة المسمى "جاسم" يريد زوجة أخرى ليعيش مع الفضل والغنى والسعادة ويعيش البطل مع الحيرة والتفكر عن الزوجة الأولى وهو يقول بإصرار وثبوت :
"كيف تجرؤ زوجتى مريم على أن تطلب منى طلاقة فاطمة وهي تعلم أننى لا أستطيع أن أفعل ذلك بأي حال ؟ لماذا تتجاهل الآن كل شيئ وتنكر معروفها .. اعترف أننى أكون ظالما لو فعلت ذلك ، إننى أحبها واحترمها لقد كانت زوجة وفيه مخلصة .... فعلت كل شيئ من أجلي ... نهض وسار في طريق العودة إلى البيت وقرر أن يفعل شيئا ، هذا الشيء إن رفضته مريم فسيكون له تصرف آخر معها ولن يرضى بدونه بديلا ".
وكما نرى أيضا في قصة "رحلة الضياع" أن البطلة مريم تقاسي آلام ومشكلات من زوجة أبيه الثانية وهي ترفض كثيرا من الأمور من زوجة أبيها وأخيرا أن زوجة أبيه قررت لتنكحها برجل مسن ومغترب لا يعرفه أحد من الناس في بلده من قبل. وجرى النكاح، وبعد مدة قصيرة أنها قررت أن تتحرر منه وهي تقول بثوب واصرار : "وشعرت باختناق حياتى ....... وأفقت من أثر الصدمة وتطلعت حولي في ذهول، أبحث عن عمر ضائع وعن شاب حائر، وبصمت بالغ حملت حقيبتى لأعود من حيث جئت".
ونجد أن البطلة بشرى في قصة "الصمت الصاخب" التى تجري خلال وسط الشاطئ ليلتمس أبوها بغير خوف وحيرة وكان قلبها مقلقا عن أبيها فقط وقالت لنفسها "ولا أظن يتمكن لي أن أجري في وسط الشاطئ أو بين الناس أي في الشاطئ المزدحم " وأصحبت قلبها بالحزمة والشدة عند غيابة أبيها وهي تقول في هذه القصة هكذا: "كانت المرة الأولى التى افكر فيها بعمل دون استشارة من أحد ... تحول الخوف في نفسي إلى الجرأة .... لا بد من اللحاق بوالدي".
ومن هذه القصص نستطيع أن نقول أن الكاتبة شيخة الناخى استخدمت البطل الإيجابي في قصة "القرار الأخير" وقصة "رحلة الضياع".

البطل السلبي

البطل السلبي هو البطل الفاشل والمقهور في حياته وتنتهى حياته بسقوط أو انحطاط إلى عمق ولا يعتبر قيمة وثقافة في حياته حتى يقول الناقدون أن البطل السلبي ما لا يوجد في حياته حقيقة الإيجابية وتكون حياته مخنقا وضعيفا لينجح وليفوز .
وهذا نري في قصة "الحصار" أن الزوج في هذه القصة يدور دور البطل السلبي لأنه يهمل زوجته وابنته ومسؤلية أسرته في هذه القصة وهو لا يبالي بواجبات المنزل وتكلف نحو الزوجة فأصبحت حياته حياة ترف ولهو ومدمن الخمر. وهو يجيئ إلى المنزل متأخرا في كل يوم تفوح رائحة خمر كريهة ويرحل رحلات كثيرة مع الأصدقاء دون زوجة معه تصير حياته ممتلأة بالفحشات والسيئات ولذا تصور كاتبة شيخة الناخى البطل أحمد في هذه القصة كالبطل السلبي وأخيرا أصر على زجته أن يخلعه من حياتها وهي تقول بعد رنين الهاتف:
"فقد قطع حديثه فأسرعت إليه ترفعه جاءها صوت يقول متسائلا :
هل هذا بيت ...................
نعم إنه هو ... ماذا تقول ؟ نقل المشتشفى في حالة خطرة ثم ... هوت سماعة الهاتف من يدها بينما راحت تدور حول نفسها يصرخ " لا .. لا يمكن " إن حياتنا لم تبدأ".

البطل الفاشل

إن البطل الفاشل الذي لا يوجد سبيلا إلى النجاح يعنى أنه فشل في إتمام غايته وتحقيق حقائقه في الحياة. وهذا نرى في قصة "الرحيل" لشيخة الناخى أن البطل سعيد الذي ارتحل من مكانه إلى المكان الغريب بدون تحقيق غايته (النكاح مع حبيبته علياء) وهو يقول بالرسالة هكذا :
"بعد مفاجاة قاسية وتتحرر من الكابوس الرهيب لقد كنت عزمت الرحيل".

البطل المقهور

البطل المقهور أو البطلة المقهورة الذي يكون ضحية الأمر ويقاسي جميع المشكلات والصعوبات للأسرة وللمجتمع. وهنا بعض نماذج في قصة الرحيل أن الكاتبة شيخة الناخى عالجت موضوع البطل أو البطلة الفاشلة في قصة "الرحيل" وقصة "خيوط الوهم" أيضا ونرى في قصة الرحيل أن البطلة علياء وصفتها الكاتبة بالقهر والظلم التى تقهر في حياتها بدون تحقيق آمالها ورغباتها وهي تعيش في جناح المنزل وهي تجد حبا وراحة من سعيد ولكن أسفا أن حبهما ينتهى برفض أبيها النكاح والزواج بسبب فقر وحياة سعيد لأنه من أسرة فقيرة ولكن علياء من أسرة أرستقطراتية. وبهذا عزم سعيد أن يرتحل من هذا البلد وتكون علياء مثالا للبطلة المقهورة والمظلومة أمام العرف المجتمعي.
وهو يقول :
"وأقدم على الخطوة التى ستقرر مصيريهما .. وتقدم يطلب يدها من أبيها ، ولكن توقعه كان في محله .. الرفض بالطبع فهذا الوالد من ذاك المجتمع المتكالب على المادة وهو يرد لإبنته زوجا ثريا لا شابا فقيرا كسعيد .......... ".
وهكذا نرى في قصة "خيوط من الوهم" أن البطلة حصة تعيش في منزلتها مع أحلام لذيذة وفرحة بوجود علي في قلبها ولكن بسوء العرف الإماراتي أن أخاها أحمد يرفض النكاح مع علي بسبب الفقر في أسرته وأخيرا وهو يرحل من مكانها إلى أوربا لدراسة ويسكن فيها. وهذه البطلة مقهورة أمام العرف الاجتماعي في بلدها أنها تقول:
"امتدت يدي نحوها .. وقد اختلطت مشاعر الفرح بمشاعر الخوف والقلق وبدا أنها لأخي ... ولكن لا بد أن فيها شيئا لي ... نعم لا بد أن أقرأها .. واسترسلت في القراءة
أخى أحمد :
بارك لي فقد أكملت نصف دني".
وبهذا يستطيع أن يقول أن قصة الرحيل قد تنوعت في أبطالها بتنوع قصصها، فمجموعة قصة الرحيل كان معظم أبطالها من الفاشلين والمقهورين والسلبيين.

الخاتمة

ومن خلال مجموعة هذه القصص يتضح للباحث عن سرد الحدث في قصة الرحيل وأبطالها أيضا. وتعد قصص الشيخة الناخى كالمرآة التى تنعكس فيها صورة الحياة الإماراتية وتظهر فيها الثقافة وأوضاع الاجتماعية الإماراتية وتمت الإشارة في هذه المقالة إلى كاتبة الشيخة الناخى وبعض طرقها التى استخدمت الكاتبة لمعالجة الأحداث كطريق التتابع والتضمين والتناوب. ويوضح الباحث عن الأبطال في هذه القصة كالبطل الإيجابي والسلبي والمقهوروالفاشل التى وردت في مجوعة القصص.

المصادر والمراجع

 الدكتور الرشيد أبو شعير- مدخل إلى القصة القصيرة الاماراتية –اتحاد كتاب وأدباء الإمارات.
 شيخة مبارك يوسف الناخى – خلجات في نفوس الحائرة – المجموعة القصصية الكاملة – اتحاد الكتاب والأدباء الإمارات - الشارقة -2008.
 خليل السواحري – صورة المرأة في القصة القصيرة في الإمارات – اتحاد الكتاب وأدباء الإمارات – 1989
 الدكتور زينب بيره جكلي - القصة القصيرة عند شيخة الناخى رائدة القصة الإماراتية
 بدر عبد الملك – القصة القصيرة وصوت النسائي في دولة الإمارات العربية المتحدة
 شيخة مبارك الناخى – الرحيل – مجموعة من القصص – اتحاد الكتاب وأدباء الامارات 1993
 شيخة الناخى – رياح الشمال – اتحاد الكتاب ولأدباء الإماراتى – الشارقة – 1999
المراجع العربية
 إبراهيم عبد الله – السردية العربية – بحث في البنية السردية للموروث الحكائي العربي – بيروت – المؤسسة العربية للدراسات والنثر -2000
 أحمد عبد الحميد – توصيفات عامة حول القصة والرواية في الإمارات – الشارقة- 1989
 أبو الفضل – محمد بن علي أبو الفضل – لسان العرب – بيروت – دار صادر
 إسماعيل – عز الدن – الأدب وفنونه – الطبعة السادسة - القاهرة - 1976