Tuesday , 10 December 2024 KTM College
Culture

فيلم "عمر" الفلسطيني وقضية التعاون مع إسرائيل

11-July-2019
أبو عبد الله حنين

الفلسطين أرض المعارك المخيفة والنضال الهائل يغامر عليها دائما عدوها المعلن إسرائيل وتلعب لترى النجاح والاستيلاء عليها مكايد لا تحصى وتتخذ إستراتيجية لا تعد. عمر فيلم عربي فلسطيني من الرأس إلى القدم من حيث الإنتاج والإخراج والتوزيع وكوادر التقنية والنجوم. وهو يحكي لنا قضية مهمة ما توغل إليها ولم يطلع عليها حتى يوم صدوره فيلم آخر رهبة العدو ومتحالفيه وما هي قضية تعاون الفلسطينيين بإسرائيل إما كرها أو ترغيبا أو تخويفا أوهتك حقوق الإنسان في صورة هائلة. ففي فيلم عمر نشاهد أعذب عشق بين النجم والنجمة وخيانة الصداقة وقلب شباب فلسطينيين وما يدور بخلودهم وأذاهم من خلال مدة تستغرق 1:35:14 ساعة.
فيلم "عمر" الفلسطيني سينيمائي درامي يحكي لنا قضية فلسطينية حارة، أخرجه هانئ أبو أسعد وتم إصداره شهر مايو لعام ألفين وثلاثة عشر الميلادي (2013) وبطله نجم آدم بَكري والبطلة نجمة لِيم لُوباي (Leem Lubay). تلألأ في الفضاء السينمائي بحظه في الترشيح في قائمة أوسكار لأفضل فيلم بلغة أجنبية لعام 2014م، وفوزه بجائزة المهر العربي& لأفضل فيلم، واختياره للتنافس على جائزة السعفة الذهبية في المسابقة الرئيسية لمهرجان كان، وحصوله على جائزة لجنة التحكيم الخاصة في مسابقة نظرة ما بالدورة السادسة والستين لمهرجان كان السينمائي، فضلا عن فوز مخرجه هانئ أبو أسعد بجائزة أفضل مخرج في مهرجان دبي السينمائي الدولي بدورته العاشرة.
فيلم عمر وقضية التعاون:
يفتح الفيلم بتسلق بطولته عمر على الجدار الفاصل ليَلْقَى صديقَيْ عُمْرِه وأمجد وتَقِرَّ عينه برأية معشوقته نادية. فورَ تناول الشاي ينصرف الأصدقاء الثلاث إلى ميدان فسيح للتمرن بإطلاق رصاص بغرض إجراء النضال الاستشهادي الانتحاري على المُعَسكَر الإسرائيلي في وقت مناسب. فما كان انتظارهم كي تطبق الخطة طويلا إذ سنحت لهم الفرصة في ليلة ليلاء، فاختطف عمر سيارة، وأطلق أمجد رصاصا تجاه عسكري ليلقى حتفه عاجلا ولكي تكون حياة أمجد متعاونَ الدولة الإسرائيلية من أجل أنه أُلقي القبض عليه بعد مرور أيام على ضوء معرفة بلغت القوةَ الإسرائيلية من جهة مجهولة، فتم تعذيب مساعد القاتل في الزنزانة معلقا على حبل عريانا، لكن المناضلَ الجريئ وقويَ القلب والروح والجسد لما ذبُل أمام الاظطهاد الشديد. فاحتال رئيس شرطة التحيقيق سريةً في منظمة الأقصى، وتبادل معه الأحاديث على مائدة الطعام وحذّره أن يُرسَل إلى زنزانته معتقل يتقرب منه حتى يفتح أمامه عمر أسراره ويُسجل صوته سِرّيا فيقعَ في فخهم ويجعلَ متعاونا طول حياته بدون خلاص كما ذكرمافي رجاء، مافي خلاص، مافي نهاية فبادر أن يتلفظ كلمةَ عدم اعترافه بما ارتكب به قائلا استحييت بأية اعترافات واثقا بأنه يسدي النصيحة له. انطلاقا من هذا المشهد يحاول رئيس الشرطة كي يجعل عمرَ يتعاون كرها منه مع أعدى أعدائه منذ نعومة أظفاره إسرائيل. خرج عمر من السجن أولا ليعرف من وشاهم، وثانيا، ليُنقِذَ حياته مع حياة نادية وليَقْضِيَ معها بقية حياته. وفي محاولة أخرى في اغتيال رئيس شرطة إسرائيل تم القبض عليه مرة ثانية كما التعذيب من الرأس إلى القدم. يخرج من السجن مرة أخرى على فرصته الأخيرة في تسليم قاتل العسكري الإسرائيلي إلى الشرطة ولكن تطلب منه طارق بدلا من أمجد الذي أطلق الرصاص. فسعيه الدؤوب في معرفة من غشهم نجح عندما وضع السكين على حبل وريد أمجد وعرف خبرا صادما وهو أنه اضطر أن يتعاون مع إسرائيل بعد وصول خبر حمل حبيبة عمر ناديةمن أمجد إلى إسرائيل عبر تعاونحسين معهم!!. (علامة الدهشة)
قضية التعاون مع إسرائيل وأنواعُها:
تعتمد القوات الإسرائيلية على معلومات تصل إليهم من آلاف متعاونين فلسطنيين متجندين كرها أو حصولا على الثروة والمال أو تصاريح السفر أو العلاج الطبي أو إلفة بأيدولوجية الإسرائيل. معظم قصة المتعاونين مع الإسرائيل ليست قصةَ غشّ وخُدعة بل قصةَ هتك حقوق الإنسان في صورة هائلة، ها هوذا قصة فادي قطشان تنفس الصعداء إثر تعطلِ قطعةٍ طبيةٍ صغيرةٍ نَظّمت نبضاتَ قلبه. رفضت السلطة الإسرائيلية السَّماح له بالخروج إلى الفلسطين ليتلقى العلاج الطبي من إحدى المستشفيات بغزة. بعد مرور أيام عديدة عندما كان في حالة حرجة اتصل به شخص من جِهَاز المخابَرات الإسرائيلية يتحدث في اللغة العربية ليخبره بمنح الإجازة للذهاب إلى الفلسطين لكن في مقابَلة التعاون!. أخبره الشخص، عليه أن يتصل على رقم يظهر على شاشة جواله عند عبور معبر إيريز وهو الطريق الوحيد للفلسطينيين المقمين في الأراضي المحتلة إلى العالم الخارج في ظل ثورة مصرية وإغلاق معبر رفخ، محب الوطن فادي أغلق الهاتف ورحّب بقضاءه اللامانع عنه. فيلم عمر هو الذي أخرج قضية التعاون إلى الخارج ليطفو على السطح حيويا لأنه كما قال مخرج الفيلم أبو أسعد: تجنيد متعاونين مع إسرائيل يعتبر من الموضوعات المحظورة، لكني شعرت أنه آن أوان لمناقشته لأنه شديد الأهمية. والتقارير الجديدة الخارجة من الفلسطين تسلط الضوء على قيام حماس بإعدام عدد من المخبرين في شوارع غزة في شكل عَلَنِيٍّ. وللتعاون مع القوة المحتلة عدة وجوه ففي السبعينات والثمانينيات كانت في شكل تسليم مساحات من الأراضي المحتلة إلى السلطة، ففي القدس الشرقية يعمل لها تجار الأراضي الذين يشترون الأراضي من السكان الفلسطينيين نيابة عن المشترين اليهود، وتَستخدم إسرائيل اليوم عملاء سياسيين في المناطق العربية لجعل المرشحين المضادين لإسرائيل ضعفاء. لكن النوع الأكثر شيوعا هم المخبرون فرادى الذين يقدمون معلومات عامة حول أنشطة الجَماعات السياسية والحركات الطلابية والنشطاء وأسماء المتظاهرين، إسرائيل تبذل الجهد للتعاون مع الجميع، مع الأطفال المعتقلين، مع الصيادين في غزة، مع الشَبَاب العاطلين ومن أبرزهم المرضى الذين يفتقرون إلى العلاج عاجلا! وهي قضية تبيد حقوق المجتمع الإنساني واذا استعرنا لسان مخرج الفيلم هانئ أبو أسعد وهي قضية لا تدمر المقاومة الفلسطينية فحسب، بل تقضي على آدمية البشر برأيي هي جريمة كبيرة.